اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 520
عمله المتقدّم. وسمعت الحسن بن أبي بكر النّيسابوريّ الفقيه يقول: إنّما أباح الله عزّ وجلّ الكتابيّات، لأنّ بعض المسلمين قد يعجبه حسنهن، فَحَذَّر ناكحهنَّ من الميل إِلى دينهن بقوله تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ
[سورة المائدة (5) : آية 6]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)
قوله تعالى: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ قال الزجاج: المعنى: إِذا أردتم القيام إِلى الصلاة، كقوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [1] قال ابن الأنباري: وهذا كما تقول: إذا آخيت فآخ أهل الحسب، وإِذا اتجرت فاتجر في البزّ [2] . قال: ويجوز أن يكون الكلام مقدّماً ومؤخراً، تقديره: إِذا غسلتم وجوهكم، واستوفيتم الطهور، فقوموا إِلى الصلاة. وللعُلماء في المراد بالآية قولان [3] .
أحدهما: إِذا قمتم إِلى الصلاة محدثين، فاغسلوا، فصار الحدث مضمراً في وجوب الوضوء، وهذا قول سعد بن أبي وقاص، وأبي موسى الأشعري، وابن عباس، والفقهاء. والثاني: أن الكلام على إِطلاقه من غير إِضمار، فيجب الوضوء على كل من يريد الصلاة، محدثاً كان، أو غير محدث، وهذا مروي عن عليّ رضي الله عنه وعكرمة، وابن سيرين. ونقل عنهم أن هذا الحكم غير منسوخ، ونقل عن جماعة من العلماء أن ذلك كان واجباً، ثم نسخ بالسنّة.
(403) وهو ما روى بُريدة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلى يوم الفتح خمس صلوات بوضوءٍ واحدٍ، فقال له عمر: لقد صنعت شيئاً لم تكن تصنعه؟ فقال: «عمداً فعلته يا عمر» .
صحيح. أخرجه مسلم 277 وأبو داود 172 والترمذي 61 والنسائي [1]/ 16 والدارمي [1]/ 169 وأحمد 5/ 350- 351- 358 وأبو عوانة [1]/ 237 والطحاوي في «المعاني» [1]/ 41 وابن حبان 1706 و 1707 و 1708 والبيهقي [1]/ 162 من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه. [1] سورة النحل: 98. [.....] [2] في «اللسان» : البزّ: الثياب، وقيل البزّ من الثياب أمتعة البزاز والبزاز بائع البزّ وحرفته البزازة. [3] قال الإمام الطبري رحمه الله في «تفسيره» 4/ 454: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، قول من قال: إن الله عني بقوله: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا، جميع أحوال قيام القائم إلى الصلاة، غير أنه أمر فرض بغسل ما أمر الله بغسله القائم إلى صلاته، بعد حدث كان منه ناقض طهارته، وقبل إحداث الوضوء منه، وأمر ندب لمن كان على طهر قد تقدم منه، ولم يكن منه بعده حدث ينقض طهارته لذلك كان عليه السلام يتوضأ لكلّ صلاة قبل فتح مكة ثم صلى يومئذ الصلوات كلها بوضوء واحد، ليعلّم أمته أن ما كان يفعله عليه السلام من تجديد الطهر لكل صلاة، إنما كان منه أخذا بالفضل، وإيثارا منه لأحب الأمرين إلى الله، ومسارعة منه إلى ما ندبه إليه ربّه، لا على أن ذلك كان عليه فرضا واجبا.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 520